تحميل كتاب تعليم نسج السجاد اليدوي (الكليم)
يُعتبر نسج السجاد اليدوي، المعروف بالكليم، من أعرق الحرف التقليدية التي تجسد روح التراث الثقافي في العديد من المجتمعات الشرقية. تعليم هذه الحرفة لا يقتصر على المهارات اليدوية فحسب، بل يشمل أيضًا نقل المعرفة التاريخية والزخارف الرمزية التي تحملها كل قطعة نُسجت بعناية. فعملية التعليم تبدأ بتعريف المتعلم بأدوات النسج الأساسية مثل النول، والخيوط القطنية أو الصوفية، والأمشاط، ومن ثم الانتقال إلى تعلم تقنيات الغزل والربط وصناعة العقد.
ما يميز الكليم هو بساطة تصميمه وأصالته، إذ يعتمد غالبًا على رسومات هندسية متكررة مستوحاة من البيئة، مثل الرموز النباتية والحيوانية، أو حتى نقوش تعكس أحداثًا اجتماعية أو معتقدات ثقافية. ويُشجع على تعليم نسج الكليم في مراكز التدريب الحرفي أو حتى في المنازل، كوسيلة للحفاظ على هذا الفن المهدد بالاندثار وإتاحة فرصة اقتصادية للنساء والفتيات في المجتمعات الريفية.
يتطلب تعليم نسج الكليم الكثير من الصبر والدقة، فهو فن يستغرق وقتًا وجهدًا لتعلم تفاصيله الدقيقة وإتقان حركات الأيدي المنسجمة مع إيقاع الخيوط. يبدأ التدريب عادةً بتعلم قراءة التصاميم أو “الخرائط النسيجية”، التي تمثل خارطة الطريق لصناعة الكليم، ثم الانتقال إلى النسج الفعلي سطرًا بعد سطر. وتُدرج المتدربات تدريجيًا في تعلم أنماط أكثر تعقيدًا، إلى أن يصبحن قادرات على ابتكار تصاميم خاصة بهن. لا يهدف تعليم الكليم إلى المهارة فحسب، بل يتعداه إلى غرس روح الانتماء للهوية الثقافية وتعزيز الإبداع.
كما أن هذا الفن التقليدي قد أصبح اليوم جزءًا من الاقتصاد الإبداعي، حيث يُستخدم في التصميم الداخلي العصري وتُعرض منتجاته في المعارض والأسواق العالمية، مما يجعل من تعليمه فرصة للربط بين الماضي العريق والحاضر المتجدد. من هنا تبرز أهمية إدراج هذا الفن ضمن البرامج التعليمية والحرفية، لضمان استمراريته جيلاً بعد جيل.